تستمر أعمال المنتدى الدولي لمركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "لوزان : تصحيح المسارات وقضايا الاستقرار والأمن الإقليمي" في منتجع شتو بمناقشة الجلسة الثانية.
فالجلسة الثانية التي كانت تحت عنوان " قراءة تاريخية للاتفاقيات التي عقدت بحق الكرد في القرن العشرين" والتي أديرت من قبل العضو في مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية، هفال فاطمي، تضمنت محورين أساسيين؛ الأول عن "لمحة تاريخية عن سيفر عام 1920 واتفاقية القاهرة عام 1921 " ألقاه الكاتب والباحث في التاريخ فارس عثمان، أما المحور الثاني فأدارته عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف، تحت عنوان " تاريخ معاهدة لوزان، والأسباب الحقيقية الكامنة وراءها والقضايا التي أوجدتها".
حيث تحدث الكاتب والباحث في التاريخ فارس عثمان في محوره الذي حمل عنوان " لمحة تاريخية عن سيفر عام 1920 واتفاقية القاهرة عام 1921"
وبدأ فارس عثمان في البداية بتعريف معاهدة سيفر التي تشكلت عام 1920 واعتبرها نقطة فارقة في التاريخ الكردي إذ اعترفت الدول العظمى "أكثر من 30 دولة" بحق الكرد في الاستقلال وتأسيس دولة كردية مستقلة وقد عزز الإعلان عن الاتفاقية في 20 آب 1920 الآمال الكردية بإنشاء دولة كردية على غرار الدول التي تشكلت بعد الحرب العالمية الأولى".
كما تطرق فارس عثمان في محوره إلى مؤتمر باريس "مؤتمر الصلح" الذي عقد في باريس بمشاركة 32 دولة ووفود غير رسمية في 18 كانون الثاني 1918 والذي استمرت أعماله لغاية 21 كانون الأول من عام 1920، بالإضافة إلى مواقف بريطانيا وفرنسا و أمريكا و الدولة العثمانية (تركيا حالياً)، وإيران من المؤتمر وتقرباتهم له.
كما لفت عثمان خلال محوره إلى أهم النتائج التي يمكن استخلاصها منه وقال:" إن الدول التي تقتسم كردستان رفضت و ترفض تدويل القضية الكردية، حتى لا تأخذ بعداً دولياً، كقضية أكبر شعب في الشرق الأوسط، يعيش على أرضه التاريخية بدون دولة ومحروم من كافة الحقوق، وإن الدول التي تقتسم كردستان ومهما كانت خلافاتها تتفق معاً لمواجهة القضية الكردية وخير مثال على ذلك اتفاق إيران وتركيا خلال سيفر، بالإضافة إلى أن التواجد والحضور والمشاركة الكردية في أي محفل أو مؤتمر دولي عامل إيجابي ويساهم مع غيره من العوامل في إدراج القضية الكردية على جدول العمل ، إن غياب الكرد عن أي محفل دولي وبغض النظر عن المشاركين في المؤتمر يؤدي إلى إهمال القضية الكردية واستخدامها كورقة للمساومة والابتزاز مثل معاهدة لوزان".
مؤكداً على ضرورة قيام الحركة السياسية الكردية وبالتعاون مع النخبة الثقافية الكردية بإجراء تقييم دقيق لكافة التجارب الكردية والتوقف عند الإخفاقات الكردية وأسبابها الموضوعية والذاتية واستخلاص العبر منها".
" مضى مئة عام من لوزان ولكن مر مئة عام من النضال الكردي ومئة عام من الانتفاضات"
من ثم انتقلت الجلسة للمحور الثاني الذي أدير من قبل عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف، وتحدثت عن تاريخ معاهدة لوزان والأسباب الحقيقية الكامنة وراءها والقضايا التي أوجدتها".
وأشارت فوزة يوسف:" السياسة البريطانية لكي لا تؤدي إلى حلف كمالي - بلشفي ضد الإمبراطورية البريطانية حيث أكدت أن أي نهج معاد لتركيا يمكن أن يؤدي إلى استفحال الشعوب الإسلامية في الهند ومصر والضربات في العالم العربي والمذابح بخصوص المسيحيين والأرمن، ولن يتمكن من استخدام الكمالية كحاجز ضد روسيا البلشفية".
وتطرقت إلى سياسة روسيا البلشفية آنذاك وقالت: كانت مساندة كمال أتاتورك ضد الإنكليز وقول لينين بأن القسطنطينية يجب أن تكون للأتراك مواقف ستالين تجاه سياسة القمع التي انتهجتها الدولة التركية تجاه العصيانات الكردية في الثلاثينيات تعبر عن سياسة البلشفية تجاه الكرد".
مشيرة: "إن فرنسا كانت قلقة بخصوص سياسية بريطانيا بأن تحرمها من حصتها لذلك عملت بشكل دائم على مناهضة الخطط البريطانية بما فيها سياسة بريطانيا تجاه الكرد والشعوب الأخرى من المسيحيين لذلك موقف فرنسا بتهميش الشعوب وما كانوا يسمونهم بالأقليات هو نتيجة عدم توافقها مع بريطانيا على مصالحها وهذا بالنسبة للتوازنات الطولية التي كانت موجودة. أما من الجانب العسكري والتغيرات التي حصلت قبل لوزان ومهدت لها فكانت بهذا الشكل".
كما أشارت فوزة يوسف إلى وضع الكرد في تلك الحقبة وأشارت :" الانقسام الذي كان موجوداً في الحركة الكردية من أيام السلطان عبدالحميد وهو الصراع بين الألوية الحميدية التي تشكلت من الكرد وبين الأرمن وبعدها تم استخدام هذه الألوية ضد بدرخان بيك 1876-1909 استمر إلى هذه الفترة. ففي فترة التسعينيات طلب قسم منهم التحرك المشترك مع البرجوازية التركية بشرط التمتع بنفس الحقوق والقسم الآخر طلب الانفصال. وانتهى هذا الاقتسام إلى خسائر استراتيجية بالنسبة لتلك الفترة المصيرية.. خوضهم الحرب إلى جانب مصطفى كمال بشكل فردي وعدم تطبيق دستور تركيا الأساسي عام 1921 وقانون الحكم الذاتي كان نهاية لطموح الحركة الكردية آنذاك.
كما لفتت فوزة يوسف إلى معاهدة لوزان وقالت : "لم يرد اسم الكرد في معاهدة لوزان، لا في حقوق الأقليات ولا في أي وثيقة رسمية كانت معاهدة اشتملت على 143 مادة تم تقسيمها إلى عدة أقسام رئيسة منها المضايق التركية والتي تم تعديلها، ولفتت إلى المادة التي تحكي عن حماية الأقليات وأضافت قائلة :" تتعهد الحكومة التركية بضمان الحماية الكاملة والتامة للحياة والحرية لسكان تركيا من غير تمييز بين المولد أو الجنسية أو اللغة أو العرق أو الدين، ويحق لجميع سكان تركيا أن يمارسوا بحرية، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة ، أي عقيدة أو دين أو معتقد لا يتعارض احترامه مع النظام العام والأخلاق الحميدة".
مختتمة بالقول: " لقد سميت معاهدة لوزان بمعاهدة السلام ولكن في حقيقة الأمر كانت معاهدة ولكنها كانت معاهدة حرب، فما الفرق بين لوزان ومؤتمر جنيف، ومهما استمر لوزان فإن الكرد لن يستسلموا فمئة عام كان من النضال ومئة العام من الانتفاضات، وهناك مسؤوليات تاريخية تقع على عاتقنا وعلينا استخلاص العبر من أحداث التاريخ، ويجب استخلاص العبر من معاهدة لوزان وتحديد قدرنا بأنفسنا".
وانتقلت الندوة إلى المداخلات حيث ركزت المداخلات على أن لوزان كانت فرصة لتركيا لتقوية هيمنة دولتها وأن الكرد يستطيعون إحياء تاريخهم وهذا يقع على عاتق الجميع ولإظهار الشكل الصحيح للتاريخ وكسر القيود التي وضعها المحتلون، بالإضافة إلى قراءة جيدة للتاريخ كون التاريخ لا يعيد نفسه ولكن الأحداث تتكرر، وأن المكونات كالأرمن والآشور وغيرهم كانوا ضحية لمعاهدة لوزان.
كما كانت مداخلة للباحث المصري إلهامي مليجي من القاهرة عبر تطبيق الزوم حيث عبر عن حبه للشعب الكردي ودعا الكرد للاستفادة من تجاربهم وأن لا يثقوا بالدول الخارجية ويعتمدوا على أنفسهم.
ومن المزمع أن تنتقل أعمال المنتدى إلى الجلسة الثالثة والأخيرة لليوم، والتي ستكون تحت عنوان "معاهدة لوزان وتداعياتها على الشعب الكردي".